لطالما كنت في الفترة الأخيرة متجنبا ً كل ما يصدع الرأس ويثير كآبتي خاصة الأخبار السياسية بكل قذارتها.

وكنت أصاب كذلك بالكآبة والإحباط الشديدين كلما استرقت عيناي لقطةً إلى تلك الصحف المبثوثة على الطرقات، أو عند سماع أخبار على الراديو أو التلفاز أو بالطبع على الفيسبوك، ولا يستمر هذا التفاعل على الصورة أو ذلك الخبر شديد الوقع بل يمتد امتداداً سحيقاً إلى مستقبل أشد سوءاً وتخيلات تجعل المصائب مجرد هبوب نسائمي على جانب الطريق.

لذلك وعند دخولي الجامعة حاولت اختلاق عالم آخر داخل هذا العالم أحاول أن أركز أو أن أجعل محور اهتمامي هو كل شيء عدا الأخبار والسياسة والخلافات التي ما تلبث أن تبدأ ولا تنتهي.

وخلف هذا القناع أو الغشاوة التي أردت أن تبقى طويلاً وكأنني عقدت صلحاً بيني وبين نفسي المتشائمة، حتى عادت إلى نفسي عادتها الطفولية ولا نقل الساذجة، التي تحلم بغدٍ أفضل هكذا، بدون مقدمات ولا محتوى ولا إعداد مسبق، فمجرد أن ينسدل الستار فإذا بتلك النفس الطفولية تلتقف الخير من كل حدبٍ وصوب.

هنا جاءت صفعة مشروع الويب الإخباري لينزع عني كل ما أردت تغطيته، وإذا بي أفتح الموقع تلو الآخر لأجد النار على أوجها والحرائق تملأ الكون، من موت الزعيم الكوبي كاسترو إلى العقوبات التي ستفرض على الكورية الشمالية ،بينما جارتها الجنوبية التي تعاني من تورط رئيستها في الفساد، ولا تغيب أبداً تصريحات رئيس أمريكا الجديد عن المشهد، هذا بعيداً عن العالم العربي السعيد الذي تدور أشرس المعارك على مشارف الموصل وحلب ، ولن أحدثكم عن اليمن الأكثر سعادة وغبطة التي واقعتم أخبارها عياناً بياناً، وعادت تلك النفس التي بلغت من الكِبَر عتيّا، هنا توقفت وقلت هذا يكفي لليوم.

بعد فترة فكرت بروية سارحا ًعن كل ما يتعلق بالمشروع، وأكتشف أن القصص التي تم اختيارها في هذا العالم ليست إلا تلك القبيحة المنفرة التي يسيل لعابها على السلطة والسيطرة وفرض النفوذ وتدور في هذا الفلك، وينسى أو يتناسى أولئك الإعلاميين عن ملايين القصص التي تمثل الحق والخير والسمو، التي تجعلك تقدر الإنسانية، التي تجعلك بعد مشاهدتها أفضل مما كنت قبلاً، وأتساءل إلى ماذا سيتحول الناس المتابعون بشكل دائم لمثل هذه المواقع، لا أدري ولا أريد أن أدري.

هنا توقف تدفق المشاعر وشعرت لوهلة بشعور وسطي لا يشعر بسخط ولا فرح لأقول لنفسي مازحاً هذه المرة "حقاً إنه عالم ٌ بائس ولا يستحق البؤس من أجله، هلّا أكلمت مشروعك".

كُتب في أواخر 2016.

ما زال العالم بائسا، يجب أن تركز على مشاريعك.