هذه سينية ابن زيدون الذي أرسلها من سجنه إلى صديقه أبي حفص بن برد الأصغر. أعجبتني جدًا وعارضتها معارضة متواضعة جدًا مع الكثير من الأخذ منها:

سينية ابن زيدون:

ما عَلى ظَنِّيَ باسُ ...   يَجرَحُ الدَهرُ وَياسو
رُبَّما أَشرَفَ بِالمَر  ...  ءِ عَلى الآمالِ ياسُ
وَلَقَد يُنجيكَ إِغفا   ...   لٌ وَيُرديكَ احتِراسُ
وَالمَحاذيرُ سِهامٌ  ...    وَالمَقاديرُ قِياسُ
وَلَكَم أَجدى قُعودٌ   ...  وَلَكم أَكدى التِماسُ
وَكَذا الدَهرُ إِذا ما  ...  عَزَّ ناسٌ ذَلَّ ناسُ
وَبَنو الأَيّامِ أَخيا ...    فٌ سَراةٌ وَخِساسُ
نَلبَسُ الدُنيا وَلَكِن  ...  مُتعَةٌ ذاكَ اللِباسُ
يا أَبا حَفصٍ وَما ساواكَ ... في فَهمٍ إِياسُ
مِن سَنا رَأيِكَ لي في  ...   غَسَقِ الخَطبِ اِقتِباسُ
وَوِدادي لَكَ نَصٌّ  ...       لَم يُخالِفهُ القِياسُ
أَنَا حَيرانٌ وَلِلأَمـ  ...       ر وُضوحٌ وَاِلتِباسُ
ما تَرى في مَعشَرٍ حا ...  لوا عَنِ العَهدِ وَخاسوا
وَرَأَوني سامِرِيّاً ...         يُتَّقى مِنهُ الِمساسُ
أَذْؤُبٌ هامَت بِلَحمي ...  فَاِنتِهاشٌ وَاِنتِهاسُ
كُلُّهُم يَسأَلُ عَن حالي  ...  وَلِلذِئبِ اِعتِساسُ
إِن قَسا الدَهرُ فَلِلماءِ  ...   مِنَ الصَخرِ انبِجاسُ
وَلَئِن أَمسَيتُ محبو  ...    سا فَلِلغَيثِ اِحتِباسُ
يَلبَدُ الوَردُ السَبَنتى  ...     وَلَهُ بَعدُ اِفتِراسُ
فَتَأَمَّل كَيفَ يَغشى  ...     مُقلَةَ المَجدِ النُعاسُ
وَيُفَتُّ المِسكُ في التُربِ ...  فَيوطا وَيُداسُ
لا يَكُن عَهدُكَ وَرداً  ...    إِنَّ عَهدي لَكَ آسُ
وَأَدِر ذِكرِيَ كَأساً  ...       ما اِمتَطَت كَفَّكَ كاسُ
وَاِغتَنِم صَفوَ اللَيالي  ...     إِنَّما العَيشُ اِختِلاسُ
وَعَسى أَن يَسمَحَ الدَهرُ ...   فَقَد طالَ الشِماسُ

معارضتي:

بلغ السيلُ الزُبى ... وأصاب النفسَ ياسُ 

كلما أومض نورٌ ... جال شرٌ وانتكاسُ

أوشك يغلبني الكَرَى ... فجرى مني النعاسُ

مالها الدنيا استدارت ... وأصاب الرأس فاسُ

ضَرَبَتْ عنّيَ صفحًا ... وأتى الناس الخساسُ

كلّما مات حبيبٌ ... جاء شيطان خُناسُ

جزعتي قد علقمتني ... زاد فوق الهم ناسُ

ظلموا الناسَ ولما ... قيل زال الظلم جاسوا 

حارت الأفهام حتى ... جُنّ في الناسِ إياسُ

ليلةٌ تلو ليالٍ ... ظلمة فيها اعتساسُ

فعسى الشدة تنفكّ ... وللصخر انبجاسُ 

ولعل الغيث هطّالٌ ... ويسبقه احتباسُ

وهذه قصيدة ابن زيدون مسموعة.