رتبتُ مكتبتي بعد عناء طويل.. وأصابتني النوستالجيا (الحنين إلى الماضي) كما تصيبني عادة هذه الأيام.. لفت انتباهي عدة أشياء:

١- لجامعة أوكسفورد العريقة إصدارات تعليمية غاية في الروعة. وجدت أحدها مما درست في الصف الثاني الابتدائي في مادة العلوم عندما درست حينها في مدرسة إنجليزية.. وحاليا عندما أدرس منهج الإنجليزية نتعلم عبر منهج American English File و Q: Skills for Success الرائعين جدا، وإذا أردنا مناهجا قوية جدا ترتقي بأمتنا علميا سواء في اللغة العربية أو غيرها علينا أن نتعلم من مناهج أوكسفورد أو نحتذي حذوها.

٢- أن المناهج القديمة (مثلا، النحو في سنة ١٩٩٩ كما شاهدته بين ركام الكتب) كانت أصعب وأرسخ علميا، وأنا أرى أننا عندما نتعامل مع المراحل السنيّة الصغيرة أنهم رجال ونكلّفهم بمناهج ثقيلة المستوى (مثلما كان سابقا) فإن ذلك لن يرفع مستواهم العلمي والثقافي وحسب، بل إنه سيظهر الفروق الفردية بشكل أوضح وعليه تتضح الفروق بين العبقري ومتوسط الذكاء بعيدا عن المهزلة التي تجعل كثيرا من الطلاب يحصدون أعلى الدرجات بدون أي مستوى حقيقي. هذا بدون الحديث عن الغش. وستفيد هذه الكتب (عالية المستوى لطلاب الثانوية) حتى بعد التخرج بفترة طويلة. أذكر أن أمي درست كتاب رجال حول الرسول أو أجزاء كبيرة منه لخالد محمد خالد، وقرأته قبل فترة واستفدت منه.. أما كتب المناهج الحالية فإن فائدتها العلمية تنتهي بمجرد الانتهاء من السنة الدراسية.

٣- أنني اكتشفت عن شخصيتي أنني (مُجَمِّع) ولا أتخلى عن الكتب/الملازم بسهولة، فقد اشتريت في مرحلة الثانوية كل أنواع الملازم المساعدة تقريبا واشتريت العديد من الملازم في سنة الثالث ثانوي لدرجة أنني اشتريت ملازما لم أذاكر منها صفحة واحدة، وهذا كنت في الجامعة أجمع أكبر قدر من الكورسات التعليمية، وهكذا أنا نزّلت كل ما وقعت يدي عليه من الكتب الإلكترونية وما صدّني عن هذا إلا سوء الإنترنت وامتلاء مساحات التخزين.

٤- أنني أشعر أن فترة الثانوية - بالنسبة لي - أفضل بكثير من فترة الجامعة على عكس رأي الكثير. ربما كان ذلك بسبب الوضع السياسي والاقتصادي الذي رافق فترة الجامعة؟ ربما.

٥- أتساءل، هل ما زالت مجلة "تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات" الصادرة من وزارة الاتصالات، هل ما زالت تصدر؟ كانت من المجلات التقنية اليمنية الجميلة جدا وكنت آخذ من السي دي المرفق الكثير من الألعاب والبرامج.

٦- أنني ما زلت على رأيي بأن المستقبل لا يمكن أن يكون أفضل من الماضي كما قال الكاتب محمد الوشلي في قطعته الفنّية التي تمنيت لو كتبتها بنفسي:

"لا يمكن أبداً أن يكون المستقبل أجمل من الماضي ..

لأنه في الماضي ..

يعشن الأمهات ..يكن صغيرات ويكبرن ..يكن جميلات..يكن سعيدات ..يكن قويات ..يركضن ..ويلعبن ...يضحكن ويمرحن ..يزرعن ويحصدن..

يكن أي شيء ..غير محاصرات ..ولا موجوعات ..غير خائفات ولا يائسات ..

يكن حالمات ونحن أحلامهن ..

نحن أجمل في الماضي عندما كنا لانزال احلامهن ..

أصواتهن البعيدة .. يا عكازات اعمارنا .

أمهاتنا مطر الله ..ولكننا حملنا حبيباتنا كمظلات ..فرحل المطر حزينا ...

لا يمكن للمستقبل أن يكون أجمل ..

لأنه في الماضي ..يعشن أمهاتنا ..ولا زلن ينتظرننا هناك .".